الجرائم الإرهابية وخطرها على الأمن العام
ماهية الإرهاب والجرائم الإرهابية .
أولاً : تعريف الإرهاب :
الجرائم الإرهابية وخطرها على الأمن العام باختصار هو وصف جامع لحالة واقعية تحدث عن فعل ذات خطر جسيم، يبعث في النفس الخوف والرعب والهلع .
لغوياً : الإرهاب مشتقة من كلمة رهب والتي تنصرف بمعناها إلى الخوف والرعب والفزع، وقد وردت في القرآن الكريم بمعان عدة منها خشية الله ( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون) ، ومنها الرعب والفزع قال تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) .
تعريف الإرهاب في الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب :
” كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أياً كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر” .
التعريف الفقهي للإرهاب :
“استعمال منظم للعنف بشتى مظاهره المادية والمعنوية بشكل يثير الرعب والخوف ويخلف خسائر جسيمة في الفئات والمنشئات والآليات المستهدفة بغية تحقيق أهداف سياسية أو شخصية بالشكل الذي يتنافى وقواعد القانون المحلي والدولي”.
ثانياً : صور الإرهاب :
من حيث الحكم الشرعي :
الأولى : إرهاب مشروع،
يكتسب هذه الصفة كونه حادثاً عن أفعال مشروعة إما بوصفها استعمالاً لرخصة أو ممارسة لحق أو أداء لواجب مثل :
- أعمال الإعداد والتعبئة العامة ، كإعداد العدة لمواجهة الأعداء .
- أعمال الكفاح المشروع ، لإقامة الحق وإزهاق الباطل أو كفاح ضد المستعمر .
- تنفيذ العقوبات الشرعية ، إذا استدعى الأمر تحقيق ردع الإجرام بالتخويف .
الثانية : إرهاب غير مشروع،
وهو الذي يكتسب صفة فيها اعتداء وانتهاك لحدود حرمها الله ولكونه عدواناً على مصالح حماها الشرع وأمر بصيانتها ، باعتبار أن الأصل في الحقوق الصيانة وفي الدماء الحقن وفي الأموال الحماية ولا يُهدم هذا الأصل إلا بدليل .
ماهية الجرائم الإرهابية :
موضوع الإرهاب واحد من أكثر الموضوعات إثارة للحساسية في العلاقات الدولية، لذلك يصعب تعريف الجرائم الإرهابية، ويرجع ذلك إلى أن مفهوم الإرهاب مفهوم متغير.
أولاً : تعريف الجريمة الإرهابية،
ورد تعريفها في الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب بأنها “أي جريمة أو شروع فيها ترتكب تنفيذاً لغرض إرهابي في أياً من الدول المتعاقدة على رعاياها أو ممتلكاتها أو مصالحها يعاقب عليها قانونها الداخلي…”
ثانياً : طبيعة الجرائم الإرهابية :
هو وصف لجرائم من نوع معين مثل جرائم الحدود، لها أشكال ومراتب تضر بالنفس أو الدين أو المال أو العرض أو العقل ثم أن من عقوبات الجرائم الحدية ما يكون إعداماً أو قطعاً أو رجماً أو جلداً أو حبساً وكذلك الشأن في عقوبات الجرائم الإرهابية.
سمات الإرهاب :
- فعل منظم ومخطط له جيداً وذو أهداف محددة مسبقاً، يرتكبه أفراد أو جماعات أو دول .
- يتسم باستخدام العنف أو التهديد به كوسيلة لتحقيق غايات غير مشروعة.
- يخلف خسائر فادحة في الأرواح والأموال، لعموميته وعشوائية النتائج المترتبة عليه.
- يهدف الإرهابيون إلى تحقيق غايات سياسية أو التأثير في صنع القرار أو عمل دعائي.
- يؤمن الإرهابيون بأن عملهم مبرر ومشروع .
- يتسم العمل الإرهابي بالتطور والتغيير والتقليد والمحاكاة .
سمات المنظمات الإرهابية :
- منظمات مغلقة يصعب اختراقها .
- تعتمد السرية في التخطيط والتنفيذ .
- منظمات ديكتاتورية .
- لها امتداد داخلي وإقليمي ودولي.
- تنقل مركز نشاطها لخارج الحدود لتجنب المواجهة مع الأجهزة الأمنية.
- تسعى من حين لآخر إلى تجنيد أعضاء جدد لضمان استمراريتها وبقاءها .
- تستفيد من التقنيات الحديثة في الاتصال والنقل والتسجيل والتنصت والتسلح.
- تمويلها من التبرعات والقيام بأنشطة مشروعة وغير مشروعة .
العوامل الدافعة للإرهاب :
أولاً : عوامل ذاتية :
كـ العوامل العضوية والنفسية للشخص مرض نفسي أو عيب بدني، أيضاً العوامل العرقية والسلالية والتي تكون سبب في العدوان على الغير نتيجة للتعصب الزائد، والعوامل الثقافية والفكرية وهي الأخطر حيث يرتكب الشخص الجرائم وهو يظن بأنه على حق.
ثانياً : عوامل خارجية :
مثل العوامل الاجتماعية كعادات الثأروالتفكك الأسري ، وعوامل اقتصادية طمعاً في المال، وعوامل سياسية وهي الأكثر شيوعاً، والعوامل الدولية متمثلة بعدم معالجة الأمم المتحدة لمشاكل الاستعمار والحروب والاضطهاد والعنصرية في أرجاء العالم .
أنواع الجرائم الإرهابية :
أولاً : أنواع الجرائم الإرهابية بالنظر إلى فاعلها :
فقد تقع من قبل شخص طبيعي ونعني بالشخص الطبيعي هنا الإنسان سواءً كان فرداً أو جماعة كالجماعات المسلحة مما يطلق عليهم أحزاب سياسية أو جماعات عرقية أو عنصرية وغيرها، كما قد تقع من قبل الدولة بصفتها شخصـاً معنوياً عبر استغلال سطلتها وهيمنتها على وسائل البطش والقوة للتخطيط أو تنفيذ أعمال إرهابية .
ثانياً : أنواع الجرائم الإرهابية بالنظر إلى الدافع إليها :
قد يكون الدافع سياسي مثل أعمال الثورات والانقلابات وأعمال الشغب والاضطرابات السياسية، وقد يكون الدافع ديني حيث تكون القناعات الاعتقادية المذهبية أو المنهجية سبباً في الإرهاب ضد جماعات دينية أخرى أو ضد الدولة، وهناك دوافع عنصرية أو عرقي كجرائم الابادة التي حصلت قديماً للهنود الحمر، أيضاً هناك دافع مالي بهدف الحصول على المال كأعمال قطع الطرق والنهب والاختطاف لطلب الفدية وغيرها .
ثالثاً : أنواع الجرائم الإرهابية بالنظر إلى وسائلها :
أصبحت الجماعات الإرهابية اليوم تستخدم طرق بالغة الدقة والتنظيم والتطور مستفيدة من الوسائل العلمية والتكنولوجيا الحديثة واصبحت تخلف خسائر جسيمة سواء في الأرواح أو الممتلكات .
رابعاً : أنواع الجرائم الإرهابية بالنظر إلى محلها :
وتكون ضد أشخاص حيث تستهدف الإنسان سواءً كان فرداً أو جماعة أو فئة قلت أو كثرت وأبرزها جرائم القتل والإبادة الجماعية والتصفيات العرقية أو المذهبية بهدف التشريد أو الخطف، وتكون ضد الأموال وهي التي تُحدث إضراراً بالمصالح المالية وتتخذ صورة التدمير والإتلاف والتخريب والإفساد وتدخل فيها أعمال النهب والسطو على الممتلكات وأعمال قطع الطريق لأخذ المال، وتكون أيضاً ضد النُظم السياسية مثل أعمال الشغب والتمرد والمقاومة التي تستهدف إسقاط النظام أو إجباره على اتخاذ مواقف سياسية معينة .
خامساً : أنواع الجرائم الإرهابية بالنظر إلى نطاقها :
تكون داخلية داخل إقليم الدولة سواءً من عناصر وطنية أو أجنبية، وتكون إقليمية عبر أقاليم الدول المجاورة ، كما تكون دولية وهي التي تقع على نطاق دولي أو ضد المصالح العامة للمجتمع الدولي بما في ذلك أمن واستقرار العلاقات والاتصالات الدولية وتأمين الحياة البشرية مثل أعمال القرصنة البحرية والجوية كخطف السفن والطائرات.
آثار الإرهاب :
للإرهاب العديد من الآثار منها :
السياسية حيث تظهر الدولة بمظهر الضعيف العاجز مما يفقدها ثقة المواطنين والدعم داخلياً وخارجياً والنيل من سمعتها اقليمياً ودولياً مما يشكل فرصة لأعدائها، وهناك آثار اقتصادية من خلال تخريب المنشآت الحيوية والمصانع والمؤسسات والمرافق الحكومية وما يتطلبه إعادة اعمارها والتأثير السلبي على حركة الاستثمار بهروب رأس المال الوطني والأجنبي وضرب السياحة، أيضاً للإرهاب آثار نفسية واجتماعية حيث يتنامى شعور المواطنين بالقلق والخوف والاكتئاب وعدم الاستقرار مما قد يشكل دافعاً لدى البعض للهجرة واللجوء والنزوح، وهناك آثار دينية حيث اسهمت العمليات الإرهابية التي وقعت خلال العقود السابقة في رسم صورة ذهنية قاتمة عن الإسلام، كما أن هناك آثار أمنية وأهمها فقدان نعمة الأمن التي امتن الله بها على عباده والشعور بالخوف والقلق وفقدان الثقة بالأجهزة الأمنية وقدرتها على تأمين المجتمع إضافة لاختراق الإرهابيين أجهزة الدولة ومؤسساتها ونشر خلاياهم السرية داخل مرافق الدولة.
الجرائم الإرهابية وخطرها على الأمن العام
د نبيل محمد السماوي، الجرائم الخطرة على الأمن العام- حقيقتها وأهم صورها، واجراءات مكافحتها،دار الكتب اليمنية، صنعاء،2022،ط2.