أسباب ودوافع الإرهاب
أسباب ودوافع الإرهاب
مقدمة
أسباب ودوافع الإرهاب ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي نال الكمال الإنساني بوسطيته واعتداله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فإن الدين الإسلامي ينبذ العنف والإرهاب، ويأمر بالرفق والرحمة والعدل والإحسان، حرم الاعتداء على النفس البشرية بغير حق أو الافساد في الأرض كما قال تعالى: ” من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ” وأمر بالجهاد دفاعاً عن الدين والنفس والعقل والعرض والمال وإعلاء لكلمة الله تعالى حيث قال تعالى: ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ ” ،ولهذا كله فإن الإسلام حرّم الإرهاب غير المشروع، وأجاز الإرهاب المشروع، ورجوعاً لموضوع بحثنا وهو البحث عن دوافع الانضمام إلى الجماعات الإرهابية الغير المشروع ، وماهي المسببات المقنعة لهذه الفئة لارتكاب جرمهم المرعب، يستوجب على جميع البلدان والمؤسسات البحثية العمل الجاد والبحث في هذا المجال، وذلك لمحاولة الحد والمواجهة لهذه الظاهرة الخطيرة، حيث يعد الإرهاب الغير المشروع ظاهرة دولية معقدة، وخطيرة ضد الشعوب والحكومات، تقوض دعائم الأمن والاستقرار وتعطل مشروعات التنمية، وتسبب أضراراً فادحة على كل المستويات .
توطئة أسباب ودوافع الإرهاب :
إن معرفة أهداف الإرهابيين وسماتهم تعين الباحثين والمهتمين على تفسير اتجاهات سلوك الإرهابيين ، فجريمة الإرهاب ليست نتيجة لعامل واحد بل هي محصلة لجملة من العوامل الداخلية والخارجية والمشتركة، والبيئية، وظروف الزمان والمكان، فالإرهاب ظاهرة مركبة ومعقدة وأسبابها كثيرة ومتداخلة، وكلها تسهم في إنتاجه بنسب متفاوتة لذا لا ينبغي الوقوف عند بعض منها، بل لا بد من دراستها دراسة شاملة وهذه الأسباب منها ما هو سياسي ومنها ما هو فكري ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو اقتصادي أو نفسي أو تربوي…إلخ.(1)
من خلال هذا نذكر أسباب الإرهاب بتقسيمها إلى ثلاثة عناوين رئيسية كالتالي :
- الأسباب النفسية و الاقتصادية .
- الأسباب التربوية والثقافية والاجتماعية .
- الأسباب السياسية .
أولاً : الأسباب النفسية والاقتصادية للإرهاب
ترى النظريات النفسية أن للأمراض النفسية أو العقلية دوراً في دفع بعض الأشخاص إلى السلوك الإرهابي، فهناك دوافع تدميرية نفسية متأصلة في الفرد، وتضخم الأنا العليا بسبب الشعور المتواصل بوخز الضمير، أو الإحباط في تحقيق بعض الأهداف أو الرغبات، أو الوصول إلى المكانة المنشودة ، وبالرجوع إلى الجوانب التي تعزز من الرضاء النفسي والقناعة نجد أن أهم جانب يعالج ذلك هو الجانب الاقتصادي، فكلما كان دخل الفرد يفي بمتطلباته ومتطلبات أسرته كان من رضاه واستقراره الاجتماعي ثابتًا، وعلى العكس إذا كان دخله قليلاً كان مضطربًا وغير راضٍ عن مجتمعه، هذه الحالة من الشعور يولد عند الإنسان حالة من التخلي عن المسؤولية الوطنية .(2)
من خلال ذلك نقوم بتفنيد بعض الأسباب النفسية والاقتصادية للإرهاب فيما يلي : (3)،(4)
- حب الظهور والشهرة، ويعود ذلك إلى احساس الفرد بإهمال المجتمع أو البيئة المحيطة به، وهذا يشكل خلل أو مرض نفسي لدى الشخص يحفزه إلى كسر ذلك وإظهار نفسه بأي شكل من الأشكال .
- التعنيف والعلاقة السيئة مع الأصدقاء ، من أهم أسباب التشرد ، والتي من خلالها يكون الشخص في حالة غياب وعي مستقيم ، حيث يكون في بيئة يسهل على الجماعات الإرهابية استقطابه بسهولة .
- الاحباط والانتقام ، مشاعر يتعايش معها الشخص عند تلقيه لأي صدمة في حياته، يتحول بعدها إلى شخص يسعى للانتقام من المجتمع .
- البطالة والفراغ، أيضاً هي فئات يستهدفها أي تجمع إرهابي لسهولة استقطابها .
- ضعف الشخصية ، حالة يكون فيها الشخص إمعة ومتبوع دون إدراك .
- للحصول على المال، ولا يخفى على أحد وجود عصابات تقوم بأي شيء يُطلب منها مقابل أجر معين .
- التمييز العنصري، يؤدي إلى ارتكاب الأعمال الإرهابية، نتيجة لخلل في التكوين النفسي أو العقلي أو الوجداني، سواء مكتسب أو وراثي.
- وجود سجل جنائي، يجعل حل الهروب لدى الشخص هو أول اهتماماته بغض النظر عما يصل إليه حاله مستقبلاً، فيجد لدى الجماعات الإرهابية الحل لما هو فيه .
ثانياً : الأسباب التربوية والثقافية والاجتماعية للإرهاب
والمستوى العلمي والفكري للشخص أو التعبئة الثقافية هي التي ينطلق منها انحراف المسار عند الإنسان، ويجعل الفرد عرضة للانحراف الفكري ومناخًا ملائماً لبث السموم الفكرية لتحقيق أهداف إرهابية، أيضاً البيئة التي يعيش فيها الشخص لها دوراً بارزاً لتوجيه مسار حياته ، إضافة إلى مدى استقرار وضعه الاجتماعي فانتشار المشكلات الاجتماعية والتفكك الأسري يدفع الفرد إلى الانحراف في السلوك، والتطرف في الآراء، والغلو في الأفكار، بل ويجعل المجتمع أرضاً خصبة لنمو الظواهر الخارجة عن الطبيعة البشرية والتربية غير الواقعية .
نذكر بعض تلك الأسباب فيما يلي : (3) ، (ه)
- الأمية ، تجعل من الشخص سهل الاستقطاب وسهل التعبئة من قبل الجماعات المتطرفة .
- التعبئة الفكرية المتطرفة والفهم الخاطئ للدين ، وتتعدد اشكالها الانتقامية أو الفئات التي يستهدفها الإرهابي، فقد يكون متشدد تجاه طائفة أخرى مخالفة للطائفة التي يتبعها، أو تجاه عادات وتقاليد وممارسات مجتمعية مخالفة لما في فكره يسعى لتغييرها بطريقته، وقد تكون ضد ديانات مغايرة .
- غياب القدوة الناصحة المخلصة، التي تعود على الأمم بغرض النفع وإرضاء الله تبارك وتعالى وحبا في دينهم وأوطانهم وغياب القدوة يؤدي للتخبط وعدم وجود المرجعية الصالحة والأسوة الحسنة من عوامل التفكك والانحطاط والتخلف.
- التفكك الأسري، ظاهرة عواقبها وخيمة في شتى المجالات، حيث تجعل الشخص فريسة للجماعات الإرهابية جراء ما يعيشه من ضياع وتيهان، مما يسهل عليهم استقطابه وتوجيهه لتنفيذ مخططاتهم وعملياتهم .
- التهميش، كشعور البعض بالعزلة والإحساس فقدان الهوية والكرامة في مجتمعه فيلجأ للحصول على هوية جديدة ومجتمع جديد لتكون التنظيمات الإرهابية هي الوجهة له .
- غياب المؤسسات التوعوية، عبر وسائل الإعلام بمختلف أشكالها وعبر المساجد والمناسبات المجتمعية وغيرها .
- وسائل الإعلام التحريضية، عبر بث سمومها العمل على نشر الكراهية والتفرقة والعنف في أوساط المجتمع .
ثالثاً : الأسباب السياسية للإرهاب :
هي أكثر الأسباب شيوعاً، والجرائم الإرهابية التي يكون دافعها سياسي تكون أكثر فداحة في الفعل وأكثر في تخليف الضحايا والخسائر، فهي تمس أمن المجتمع ككل ودوافعها كثيرة وتكون داخلية وخارجية، فالداخلية تعود إلى الاضطهاد والظلم والغموض في المنهج والتخطيط الأمر الذي يزعزع الثقة، ويخلق حالة من الصدام بين المواطنين والقيادة السياسية، فتقوم جماعات وأحزاب بالتخريب والعمل على زعزعة أركان الدولة والنظام الحاكم ، وهذا وجه من أوجه انتشار الإرهاب.
نذكر بعض تلك الأسباب فيما يلي : (2) ، (6).
- عدم الحكم بما أنزل الله ، وذلك من خلال الظلم وعدم المساواة والعدل بين أفراد المجتمع .
- غياب الرقابة والإشراف على الأحزاب والطوائف وأي جهات تعليمية أو فكرية .
- المحاربة المفرطة للجماعات الإسلامية وقمعها في شتى المجالات، الأمر الذي يحول نشاطها إلى العنف والرغبة في الانتقام من السلطة .
- الابتزاز السياسي، وذلك عن طريق الخطف أو التهديد بتعطيل مصلحة ما بغرض تمرير إجراءات معينة للجماعة أو طلب فدية .
- الدكتاتورية والاستخدام المفرط للقوة .
- الدعم الخارجي لجماعات إرهابية بغرض زعزعة أمن بلاد وهز سمعتها محلياً وعالمياً.
- ذريعة لاحتلال الدول بمسمى مكافحة الإرهاب .
المراجع
1- د.أسماء بنت عبد العزيز الحسين، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف-دراسة تحليلية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، الرياض، 2004 .
2- م.د. رقية شاكر منصور الزبيدي، الارهاب مفهومه وأسبابه وأساليب معالجته من منظور اسلامي، جامعة بغداد، (ب-ت) .
3- د.طاهر محمود، الإرهاب أسبابه وعلاجه، جامعة أردو الفيدرالية للفنون والعلوم والتكنلوجيا ، إسلام أباد، (ب-ت)
4- أ.د.سجان غوهيل- أ.د. بيتر فورستر، المنهج المرجعي لمكافحة الإرهاب، هيئة أركان الناتو الدولية، 2020.
5- محمد حبيب، علم نفس الإرهاب وسيكولوجية تجنيد الإرهابيين وكيفية مواجهته 2، القاهرة،2021
6- أ.د.صالح بن غانم السدلان، أسباب الإرهاب والعنف والتطرف، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، الرياض، 2004.